السعودية: قرارات من السديس تغير شكل صلاة الجمعة طوال شهر ذو الحجة

قرارات من السديس تغير شكل صلاة الجمعة طوال شهر ذو الحجة
  • آخر تحديث

في إطار الحرص الديني والإنساني الذي توليه المملكة العربية السعودية لخدمة الحرمين الشريفين، وجه معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، أئمة وخطباء الحرمين بتقصير خطبتي وصلاة الجمعة خلال موسم حج عام 1446هـ. 

قرارات من السديس تغير شكل صلاة الجمعة طوال شهر ذو الحجة

وذلك تقدير لظروف ضيوف الرحمن وحفاظ على سلامتهم، في ظل الأجواء المناخية الحارة التي تشهدها مكة المكرمة والمدينة المنورة هذه الأيام.

أسباب التوجيه

جاء هذا القرار الاستثنائي في ظل الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة، وما يصاحبه من تزاحم كثيف داخل المسجد الحرام والمسجد النبوي نتيجة تدفق أعداد كبيرة من الحجاج من شتى بقاع الأرض.

وقد شدد الشيخ السديس على أن هذا التوجيه نابع من الفقه الشرعي الرشيد، الذي يراعي مبدأ رفع الحرج عن المسلمين، خصوصا المرضى، وكبار السن، والضعفاء الذين قد لا يقوون على طول الخطبة أو مدة الانتظار بين الأذان والإقامة.

تنظيم جديد للخطبة والصلاة

أوضح معالي الشيخ أن التوجيه الجديد يقضي بأن تكون المدة الزمنية بين الأذان والإقامة ما بين 5 إلى 10 دقائق فقط، بينما لا تتجاوز خطبتا الجمعة والصلاة معا أكثر من 15 دقيقة، وذلك في كلا الحرمين الشريفين.

ويهدف هذا التخفيف إلى تيسير أداء الصلاة على المصلين دون مشقة أو عناء، مع ضمان الاستفادة من محتوى الخطب ومعانيها الهادفة دون إرهاق جسدي.

منطلق شرعي وإنساني

أكد الشيخ السديس أن قرار اختصار خطبة وصلاة الجمعة في الحرمين الشريفين يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي جاءت بالتيسير لا بالتعسير، وتدعو إلى رفع الحرج والمشقة، كما قال الله تعالى: ﴿وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى﴾ [المائدة: 2]

وأضاف أن هذا القرار متسق مع الحديث النبوي الشريف: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ» [رواه البخاري]

فالهدف من هذه التوجيهات ليس فقط تقصير الخطبة من حيث الوقت، بل إعلاء قيم الرحمة، والعدل، ومراعاة حال الناس، والتأكيد على أن دين الإسلام دين يسر وسماحة ورفق.

عناية خاصة بضيوف الرحمن

شدد معالي الشيخ السديس على أن رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي تعمل بكل جهد لتوفير بيئة تعبدية خاشعة وآمنة لضيوف الرحمن، تحقيق لتوجيهات ولاة الأمر حفظهم الله الذين يولون شؤون الحج والمصلين رعاية خاصة لضمان أدائهم لمناسكهم في راحة وطمأنينة.

وأشار إلى أن هذا التوجيه يعكس فهم عميق لطبيعة الظرف الزمني والمكاني الذي يمر به الحجاج، خصوصا أولئك الذين يصلون في صحن المطاف أو على السطح أو في الساحات الخارجية للحرم، حيث تكون درجات الحرارة عالية جدا، ويكون الازدحام شديد، ما يجعل تقليص زمن الانتظار والصلاة ضرورة لا مفر منها.

رسالة من منبر الحرمين

أكد الشيخ السديس أن منبر الحرمين الشريفين يتمتع بمكانة عالية في نفوس المسلمين في كل أنحاء العالم، فهو ليس فقط منبر للخطابة، بل هو منبر للوسطية والهداية والنور، وتقصير مدة الخطبة لا يعني التقليل من شأنها أو مضمونها، بل هو سبيل لضمان الاستفادة من مضامينها دون إنهاك المصلين، مشير إلى أن التخفيف نفسه يساهم في تعظيم الخطبة، حينما تكون مركزة، مؤثرة، ومناسبة للظرف الزمني.

المصلحة العامة هي الأساس

في ختام تصريحه، شدد الشيخ السديس على أن هذا التوجيه نابع من المقاصد الشرعية الكبرى التي تهدف إلى رفع الحرج، ودفع المشقة، وحفظ النفس، وتيسير العبادة، مؤكد أن كل قرار تتخذه الرئاسة يستند إلى قواعد شرعية راسخة توازن بين أداء الشعائر والاعتبارات الإنسانية والصحية، خاصة في مثل هذه الظروف المناخية الشديدة.

رسالة للحجاج والمصلين

بهذه التوجيهات، تجدد رئاسة الشؤون الدينية التزامها بتقديم كل ما من شأنه خدمة ضيوف الرحمن، والعمل على توفير أفضل الظروف الممكنة لهم لأداء صلواتهم ومناسكهم في خشوع وأمان، سائلة المولى عز وجل أن يتقبل من الحجاج حجهم، ومن المسلمين صلواتهم، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين.