هدايا تذكارية للحجاج تظهر لأول مرة في أسواق مكة والمدينة وجدة وتثير جدل واسع لهذا السبب

هدايا تذكارية للحجاج تظهر لأول مرة في أسواق مكة والمدينة وجدة
  • آخر تحديث

في ضوء الجهود الوطنية الرامية إلى تعميق التجربة الروحية لزوار مكة المكرمة وتعزيز ارتباطهم الوجداني بأقدس بقاع الأرض، طرحت الباحثة ديمة بنت محمد صالح بندقجي من قسم التصميم الداخلي في كلية التصاميم والفنون بجامعة أم القرى، أطروحة دكتوراه حملت عنوان لافت: "تصميم هدايا تذكارية مبتكرة للحاج والمعتمر مستوحاة من التراث المكي".

هدايا تذكارية للحجاج تظهر لأول مرة في أسواق مكة والمدينة وجدة

وقد تناولت الرسالة من منظور علمي وإبداعي فكرة توظيف عناصر التصميم الداخلي والفنون التطبيقية في تقديم هدايا تذكارية ذات بعد رمزي، تكون قادرة على توثيق تجربة الحج والعمرة في وجدان الزائرين، من خلال رموز بصرية تنبع من الهوية الثقافية والتاريخية لمكة المكرمة.

من الرمز إلى التجربة

تشير الباحثة في أطروحتها إلى أن الهدايا التذكارية ليست مجرد منتجات تباع وتشترى، بل هي أوعية رمزية تحمل في طياتها معاني روحية وثقافية، تسهم في ترسيخ الذكريات المقدسة لدى الحجاج والمعتمرين.

وتوضح بندقجي أن الحاجة إلى إنتاج هدايا ذات طابع مكي أصيل تنبع من غياب منتجات قادرة على التعبير عن عمق المكان وروحانيته.

ولهذا، دعت إلى ابتكار تصاميم تجمع بين الرمز الجمالي والبعد الوظيفي، مع الاعتماد على عناصر التصميم المحلي وإدخال مفردات التراث المكي ضمن الأسلوب الفني الحديث.

دعم الاقتصاد الإبداعي

أحد المحاور المركزية في الرسالة كان تسليط الضوء على دور الهدايا التذكارية في دعم الاقتصاد الإبداعي المحلي، من خلال خلق فرص استثمارية في قطاع التصاميم الثقافية والهدايا السياحية.

وقد شددت الباحثة على أهمية تصميم هذه المنتجات بطريقة تجعلها قابلة للتصنيع المحلي، وتسهم في تحريك عجلة الاقتصاد عبر تحويل التراث إلى قيمة مضافة قابلة للتداول، تواكب توجهات المملكة نحو تنمية الصناعات الثقافية ضمن رؤية 2030، والتي تركز على إثراء تجربة الزائر وتعزيز المحتوى المحلي.

الرسالة العلمية

نوقشت الرسالة ضمن لجنة علمية متخصصة ضمّت نخبة من الأكاديميات والخبراء، وهن:

  • الأستاذة الدكتورة هنادي بنت محمد عمر قمرة (مشرفة ومقررة)
  • الأستاذة الدكتورة سميرة أحمد العبدلي (مناقشة خارجية)
  • الأستاذة الدكتورة نورة مسفر الزهراني (مناقشة خارجية)
  • الدكتورة حنان عبد الرحمن حجازي (مناقشة داخلية)
  • الدكتورة غادة محمد ناضرين (مناقشة داخلية)

وخلال المناقشة، استعرضت الباحثة مجموعة من النماذج والمقترحات التصميمية التي طورتها في إطار المشروع البحثي، حيث حملت هذه النماذج رموز بصرية مستلهمة من عناصر العمارة المكية، وزخارف الحرم، والمشاهد الروحية المرتبطة بمناسك الحج والعمرة.

من التصميم إلى التطبيق

لم تكتفِ الباحثة بالجانب النظري فقط، بل قدمت في رسالتها مقترحات قابلة للتطبيق الصناعي، تشمل مواد التصنيع، وتقنيات الإنتاج، وخطط التوزيع، مما يجعل مشروعها قابل للتحول إلى مبادرة وطنية، يمكن أن تتبناها الجهات المعنية بشؤون الحج والعمرة، أو شركات القطاع الخاص المهتمة بالمنتجات الثقافية.

وتشجع هذه المقترحات على فتح سوق جديدة للهدايا التذكارية المحلية، تتسم بالجودة والابتكار، وتعكس الشخصية البصرية والتراثية لمكة المكرمة، مع إمكانية التصدير الخارجي أو التوزيع داخل المجمعات التجارية المحيطة بالحرمين.

الرسالة الأسمى

اختتمت الباحثة ديمة بندقجي أطروحتها بالتأكيد على أن الهدايا التذكارية ليست فقط أدوات لحفظ الذكرى، بل هي جسر ثقافي وروحي ينقل القيم الإسلامية والهوية المكية إلى العالم، ويعزز الارتباط المعنوي العميق بالمكان المقدس.

وترى أن دمج التصميم بالهوية والروحانية يمكن أن ينتج عنه تجربة زائر شاملة، تتجاوز مجرد أداء المناسك، لتصل إلى استيعاب قيم المكان، وتقدير تاريخه، والاحتفاظ بجزء منه داخل الذاكرة والوجدان.

نحو مستقبل إبداعي للهدايا التذكارية في الحرمين

تمثل هذه الأطروحة دعوة واضحة لصناع القرار، والمستثمرين، والمصممين في المملكة العربية السعودية إلى إعادة النظر في قطاع الهدايا التذكارية، ليس فقط من منظور تجاري، بل كأداة ثقافية استراتيجية.

الهدايا التي تعبر عن روح مكة وتاريخها يمكن أن تكون من أهم روافد القوة الناعمة السعودية، وأن تسهم في جعل رحلة الحاج والمعتمر أكثر تكامل، وأعمق معنى.