السعودية تصدر اللائحة التنظيمية الجديدة لرحلات الكروز في البحر الأحمر وتحدد تاريخ بداية تطبيقها

السعودية تصدر اللائحة التنظيمية الجديدة لرحلات الكروز في البحر الأحمر
  • آخر تحديث

في إطار التحول السياحي الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية، أطلقت الهيئة السعودية للبحر الأحمر لائحة تنظيمية متكاملة لسفن الرحلات السياحية "الكروز"، تعد بمثابة الإطار التشغيلي الشامل الذي ينظم هذا القطاع الاستراتيجي بكل أبعاده، بدء من الجوانب التشغيلية، مرور بالمعايير الفنية والبيئية، وصول إلى ضمان جودة تجربة السائح وسلامته.

السعودية تصدر اللائحة التنظيمية الجديدة لرحلات الكروز في البحر الأحمر 

اللائحة الجديدة تأتي كخطوة نوعية تتناغم مع رؤية المملكة 2030، وتسعى من خلالها الهيئة إلى ترسيخ مكانة المملكة كوجهة بحرية عالمية، تمتلك مقومات سياحية متفردة على سواحل البحر الأحمر، وتطمح لجذب المستثمرين والمشغلين الدوليين إلى هذا القطاع المتنامي.

منهجية تنظيمية دقيقة

اتسمت اللائحة الجديدة بالوضوح في توزيع الأدوار والمسؤوليات بين جميع الأطراف المعنية بتسيير وتشغيل رحلات الكروز البحرية.

تم تحديد المهام التنظيمية لمشغلي السفن، والوكلاء الملاحيين السياحيين، والمرافئ السياحية بدقة بالغة، مما يعزز من مستوى التنسيق والشفافية في الأداء.

ولأول مرة، أصبح هناك مسار موحد للحصول على كافة التصاريح والتراخيص التشغيلية اللازمة، حيث تم ربط هذه العملية بجملة من المتطلبات الفنية والإدارية التي تضمن الكفاءة، وتلغي الازدواجية والتعقيد، وتسهم في تحفيز الاستثمار في هذا القطاع.

السلامة في صدارة الأولويات

أبرز ما يميز هذه اللائحة أنها جعلت من السلامة البحرية حجر الزاوية في كافة الإجراءات والنصوص التي وردت فيها.

تم إلزام مشغلي السفن السياحية بوضع خطط طوارئ مفصلة، وتنفيذ برامج تدريب دورية لأطقم العمل، بما يتماشى مع المعايير الدولية المعمول بها في هذا القطاع، مثل اتفاقيات "سولاس" (SOLAS) و"STCW".

كما شددت اللائحة على ضرورة توافر تجهيزات السلامة الحديثة، ومعدات الإسعاف الأولي، ووجود كوادر طبية مؤهلة على متن كل رحلة، بما يضمن التدخل الفوري في أي حالة طارئة، ويعزز من ثقة السائح والزائر في جودة ومستوى الرحلة المقدَّمة.

البيئة البحرية مسؤولية وطنية ومكون رئيسي في اللائحة

إدراك لأهمية البيئة البحرية كعنصر حيوي واستراتيجي، خصصت اللائحة مجموعة من البنود الصارمة التي تهدف إلى الحد من الأثر البيئي السلبي الناتج عن أنشطة السفن السياحية.

شملت المتطلبات إلزام السفن بتطبيق خطط إدارة نفايات متكاملة، ومعالجة المياه العادمة والرمادية قبل تصريفها، والتأكيد على منع إلقاء المخلفات في البحر الأحمر.

وأدرج الالتزام باتفاقيات دولية معنية بالبيئة البحرية، مثل:

  • ماربول (MARPOL) لمكافحة التلوث الناتج عن السفن.
  • سولاس (SOLAS) لضمان سلامة الأرواح في البحر.

كل ذلك يندرج ضمن هدف أسمى هو الحفاظ على البيئة البحرية في البحر الأحمر كإرث وطني للأجيال القادمة، وكمصدر جذب سياحي يجب حمايته وفق أعلى المعايير الدولية.

تجربة السائح

لم تغفل اللائحة عن الجانب الأهم في أي نشاط سياحي، وهو راحة السائح وجودة تجربته. تم فرض التزامات محددة على مشغلي السفن ومقدمي الخدمات السياحية، تضمن توفير ما يلي:

  • خدمات استقبال ونقل متكاملة.
  • معلومات سياحية محدثة ومساعدة فورية.
  • خدمات ترفيه وتغذية بمستويات راقية.
  • آليات واضحة للتعامل مع الشكاوى والملاحظات.
  • سياسات مرنة للتعامل مع أي تغيّرات أو تأخيرات في الرحلات.

هذه البنود تم تصميمها بعناية لتعزيز ثقة السائح، وتقديم تجربة لا تقل عن المستويات العالمية التي تقدمها شركات الكروز الدولية الكبرى.

مرحلة تنظيمية جديدة

تشكل اللائحة التنظيمية الجديدة منعطف مهم في مسيرة السياحة الساحلية في المملكة، وتؤسس لـ مرحلة متقدمة من الاحترافية والانضباط المؤسسي.

هيئة البحر الأحمر، عبر هذه المبادرة، ترسم ملامح مستقبل واعد لقطاع الكروز في المملكة، يجمع بين:

  • الاستدامة البيئية
  • السلامة التشغيلية
  • رضا السائح
  • تحفيز الاستثمار

كل ذلك في إطار رؤية شاملة تنظر إلى البحر الأحمر ليس فقط كموقع جغرافي، بل كأصل اقتصادي وثقافي واستراتيجي يعزز من مكانة المملكة إقليمي ودولي في قطاع السياحة البحرية.

تكامل الرؤية مع الواقع لصناعة سياحية بحرية مستدامة

ما تطرحه الهيئة السعودية للبحر الأحمر من تنظيمات وتشريعات لم يأتي في فراغ، بل هو امتداد مباشر للرؤية الطموحة التي تقودها المملكة نحو تنويع اقتصادها، وتوسيع دائرة فرص الترفيه والسياحة، وتحقيق أعلى معايير الجودة والاستدامة.

اللائحة التنظيمية لسفن الكروز ليست فقط وثيقة قانونية، بل هي خارطة طريق لقطاع سياحي واعد يبنى على أسس الانضباط والمسؤولية والابتكار.

بهذه الخطوة، تفتح المملكة أبوابها للعالم من خلال بوابة البحر الأحمر، وتدعو الزوار لاكتشاف ثرواتها البحرية والطبيعية والتاريخية، في تجربة لا تنسى، تصنع الفارق وتضع السعودية في مصاف الدول الرائدة في صناعة الكروز العالمية.